إیران تلکس - لقد تجاوزت الحرب في أوكرانيا كونها مجرد نزاع إقليمي، لتُظهر فصلاً آخر من فصول الحروب بالوكالة الحديثة؛ ميدانًا تُراق فيه الدماء الأوكرانية، وتتدفق الأرباح إلى الجيوب الأمريكية. تبلغ هذه المعادلة المرة ذروة مأساتها عندما يتولى قيادة بلد "مهرج" يفتقر إلى فهم الهياكل الأساسية للنظام الرأسمالي العالمي وألاعيبه الخفية، أو يتولى قيادتها بشكل متعمد خاطئ فيفشل في فهم التعقيدات الجيوسياسية.
عندما يتولى "مهرج" سدة الحكم، ويعجز عن فهم أسس النظام الرأسمالي العالمي وألاعيبه الخفية، فلن تكون النتيجة سوى كارثة. يسعى النظام الرأسمالي العالمي دائمًا إلى أسواق جديدة وأزمات مُتحكم بها لتزييت آلياته.
وفي غضون ذلك، تتحول الدول المتورطة في الحروب بالوكالة إلى ساحات لـبيع الأسلحة، وتجديد الصناعات العسكرية، وفرض السياسات الاقتصادية. لقد أصبحت أوكرانيا، بفضل موقعها الجيوسياسي ونهج قيادتها، أفضل مثال لهؤلاء الضحايا.
يبدو أن دورة "الحرب بالوكالة" في أوكرانيا تتسارع وتأخذ أبعادًا جديدة. فبينما تتواصل الدماء الأوكرانية وتغطي المعاناة والدمار كل أنحاء البلاد، تتحقق مصالح مالية وجيوسياسية لبعض القوى الكبرى.
وتُشير التقارير إلى أن دفعة جديدة من الأسلحة الأمريكية جاهزة للإرسال إلى أوكرانيا. وتشمل هذه الحزمة أنظمة الدفاع الجوي المتطورة باتريوت، وصواريخ، وذخائر، إما من المخزونات الأمريكية الحالية أو التي تم إنتاجها حديثًا.
يأتي هذا الإجراء استمرارًا لسياسة حولت أوكرانيا إلى بلد محروق وأداة لتحقيق أهداف القوى الخارجية. وراء هذه المساعدات العسكرية، لا تكمن فقط أهداف استراتيجية لإضعاف روسيا، بل أيضًا مصالح اقتصادية ضخمة للصناعات العسكرية الأمريكية وحلفائها.
يمكن ملاحظة تأكيد هذا النهج في تصريحات الأمين العام لحلف الناتو يوم أمس، الذي أعلن بوضوح أن أوروبا "ستجد المال" لدفع ثمن الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا.
هذه الجملة، أكثر من كونها مجرد إشارة إلى التضامن، تعبر عن عمق تبعية أوروبا للولايات المتحدة واستعداد هذه القارة لدفع تكاليف حرب بالوكالة لصالح مصالح واشنطن.
بعبارة أخرى، لم تتحول أوروبا إلى ساحة للحرب بالوكالة فحسب، بل أصبحت أيضًا صندوقًا لتمويلها.
أوكرانيا اليوم هي دولة محترقة. بنيتها التحتية مدمرة، واقتصادها مشلول، وشعبها مشرّد. هذا الدمار هو نتيجة مباشرة لمعركة طال أمدها، ليست من أجل المصالح الحقيقية لأوكرانيا، بل من أجل مصالح القوى الكبرى.
فمن ناحية، تسعى روسيا للحفاظ على نفوذها ومنع توسع الناتو، ومن ناحية أخرى، تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها، من خلال تأجيج هذا الصراع، إلى إضعاف روسيا وخلق "مستنقع" استنزافي لها.
في غضون ذلك، قادت القيادة الأوكرانية، بالاعتماد على وعود الدعم التي لم تتحقق بالكامل أبدًا، بلادها إلى حافة الدمار. إن تجاهل حقائق القوة والعجز عن قراءة المشهد الدولي بشكل صحيح، حول أوكرانيا إلى أداة في أيدي لاعبين أكبر.
هذا الوضع يعيد إلى الأذهان الحقيقة المرة بأن السذاجة والجهل في قمة السلطة، في ساحة السياسة الدولية، يؤديان إلى تكاليف بشرية ووطنية لا تُعوّض.