QR codeQR code

أوضحُ البيان في مسالك الاتفاق والافتراق بين السيّد القائد والإخوان المسلمين

إیران تلکس , 20 تموز 2025 ساعة 16:07

كاتب : الشيخ احمد-عيدي

إیران تلکس _ كثيرًا ما يُساء فهم مواقف العلماء الكبار حين تُنتزع من سياقاتها، أو تُقرأ بعيون متعجلة، أو تُؤول حسب أمزجة حزبية وانتماءات فكرية. ومن أبرز الأمثلة على هذا الخلط، تفسير موقف السيّد القائد الإمام علي الخامنئي (دام ظله) من المفكر سيد قطب، على أنه نوع من التبني أو الانتماء إلى منهج الإخوان المسلمين.


لقد استند البعض إلى واقعة ترجمة السيّد القائد لكتاب في ظلال القرآن في شبابه، ليدّعي أن هذا العمل يدل على إعجابٍ مطلق، أو حتى انخراط ضمن الإطار الفكري للإخوان المسلمين. بينما إنصاف النظر وعمق الفهم يُظهران أن المسألة أوسع وأكثر تمييزًا.

الترجمة لا تعني الانتماء
في مقدمة ترجمته للكتاب، المؤرخة بفروردين 1345هـ.ش (مارس 1966م)، كتب السيّد القائد بوضوح:
"لستُ متفقًا مع المؤلف في تقييمه لبعض الشخصيات التاريخية، لكنني أغفلتُ الاعتراض لأجل التوافق في المبادئ الأساسية."

هذه العبارة المفتاحية تدل على وعيٍ نقدي، وتُبيّن أن ما جمعه بسيد قطب هو الإيمان بالأصول العقائدية الكبرى، لا الاتباع في التحليل التاريخي ولا في الخطط السياسية. فالموقف كان نابعًا من مبدأ "الوحدة في الأصول"، لا من ذوبان في منهج الآخر.

عمق المدرسة الإسلامية في قم
وقد صرّح السيّد القائد لاحقًا بما هو أوضح، حين قال:
"أفكار مفكرينا – كمطهري والطباطبائي – في قضايا الإسلام أعمق من أفكار المفكرين المعروفين في الإخوان المسلمين... وحتى في القضايا الاجتماعية، كانوا أكثر عمقًا."

هذا التصريح الصريح يُبرز مفارقة واضحة بين منهج الحوزة العلمية في قم، المبني على تحقيق عقلي وأصولي، وبين الطابع الحركي الخطابي لمنظّري الإخوان المسلمين. فالمقارنة هنا ليست استخفافًا بالآخر، بل تثبيتٌ لتفوّق المسلك العلمي الأصيل.

السياق الثوري وضرورة التفاعل
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن المرحلة التاريخية التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية في إيران شهدت نقصًا حادًا في الأدبيات الثورية الإسلامية من داخل التشيّع، وهو ما دفع بعض الثوريين إلى الاستفادة من كتب الإخوان في الجوانب التعبوية والتنظيمية. وقد أشار السيد خسروشاهي إلى هذا المعطى في مذكراته، معتبرًا أن التأثر كان مرحليًا لا مبدئيًا.

مشهد رمزي يكشف البون
من الشواهد التي تعكس هذا الفارق في المنهج والرؤية، ما يُروى عن تلك الفترة، حين أُرسل من العراق تلغراف إلى السلطات المصرية لطلب عدم تنفيذ حكم الإعدام بسيد قطب، قيل إن السيد الخامنئي اقترح على الإمام الخميني أن يفعل المثل. لكن الإمام أجابه بوضوح:
"لا توجد مصلحة في ذلك."

وهذا الموقف يكشف دقة في الحسابات، وتمييزًا بين احترام الشخص وجهاده، وبين التدخل العملي الذي قد يحمل دلالات لا تُراد.

خلاصة القول
إن السيد الخامنئي قدّر صدق سيد قطب وجهاده، لكنه لم يتبنَّ منهجه، وحرص على أن تكون مدرسة الثورة الإسلامية متجذّرة في عمقها الفقهي والأصولي والعقلي، لا صورة مستنسخة عن تجارب المشرق العربي.

فالاحترام لا يعني الانتماء، والتقاطع في المبادئ لا يساوي وحدة في المنهج، ولا يلغي التباين في الغاية والوسيلة.

وعليه، فإنّ من الإنصاف أن تُفهم مواقف القادة من خلال منظوماتهم الفكرية المتكاملة، لا من خلال اجتزاءات عاطفية أو تأويلات حزبية. ولا بد من التمييز بين من يشترك معنا في التوجّه العام، وبين من يبني مشروعًا علميًا أصيلاً، له عمقه وسنده ومدرسته.

فحرارة النصرة لا تُغني عن البصيرة، والوحدة لا تعني التنازل عن التميز.
 


رقم: 4198

رابط العنوان :
https://www.irantelex.ir/ar/article/4198/أوضح-البيان-في-مسالك-الاتفاق-والافتراق-بين-السي-د-القائد-والإخوان-المسلمين

ايران تلکس
  https://www.irantelex.ir