في الحقيقة، نحن في خضم حرب شاملة؛ حرب تجاوزت أبعاد المواجهات العسكرية التقليدية وامتدت لتشمل ميادين الاقتصاد والثقافة والسياسة والحرب المعلوماتية.
ما يبدو ظاهرياً وكأنه هدنة أو هدوء مؤقت، هو في الواقع جزء من استراتيجيات هذه الحرب الهجينة. لسوء الحظ، إن الافتقار إلى الوعي العام بهذا الموضوع يجعلنا عرضة للمفاجأة، ويستغل العدو هذا الفراغ المعرفي لصالحه.
أهم نقطة يجب أخذها في الاعتبار عند تحليل هذا الوضع هي الطبيعة الوجودية لهذه المواجهة.
هذه الحرب ليست صراعاً بين جبهتين سياسيتين للحصول على امتيازات أكبر. إنها معركة من أجل البقاء.
من وجهة نظر الطرفين، لا يوجد سوى خيار واحد على الطاولة:
النصر المطلق والإزالة الكاملة للطرف الآخر. في مثل هذه الظروف، لا معنى للتفاوض أو التسوية، وأي هدوء هو مجرد فرصة للاستعداد للمرحلة التالية من الصراع.
هذا المنظور يفسر أيضاً التشكيل الجديد للقوى. لقد خلقت هذه المعركة جبهتين تتجاوزان الحدود الجغرافية وحتى الدينية.
في جانب، تجمع "أهل الحق" تحت راية المقاومة الإسلامية، وفي الجانب الآخر، يقف "أهل الباطل" تحت راية الصهيونية.
هذا الاصطفاف الإيديولوجي أدى إلى انضمام بعض من يبدون مسلمين إلى محور الشر، وفي المقابل، انجذب العديد من غير المسلمين نحو جبهة المقاومة.
فعلا هذا الصراع العالمي تحول إلى معركة تاريخية.
يعتمد الكيان الصهيوني في هذه المعركة على مبدأ المفاجأة. فهم يسعون، من خلال سلسلة من الأحداث والهجمات السرية، وخاصةً في الجبهة الداخلية للمقاومة، إلى إضعاف أسس هذه الجبهة. تشمل هذه الهجمات العمليات السيبرانية، والأعمال التخريبية، ومحاولة إحداث انقسامات اجتماعية.
في المقابل، تسعى جبهة المقاومة أيضاً إلى فرصة لشن هجوم استباقي؛ هجوم يمكنه تغيير مسار التاريخ وتمهيد الطريق لإنهاء الصراع.
هاتان الاستراتيجيتان المتضادتان أوصلتا الوضع إلى نقطة حرجة، حيث يتجه وقوع المواجهة العسكرية نحو اليقين. لكن بداية هذا الصراع تعتمد على عوامل متعددة: الجاهزية العسكرية، والظروف الإقليمية، ومستوى تحديث الاستراتيجيات.
هنا يطرح السؤال الأهم:
هل تمكنت جبهة المقاومة من التخلي عن الأساليب القديمة ومواكبة تكنولوجيا وأساليب العدو الجديدة؟ هل تخلت عن الأفكار القديمة؟ العدو يتجه بكل قوته نحو استخدام النخب والخطط الجديدة، فماذا عنّا؟ هل كنا مجرد مراقبين للتطورات أم أننا عملنا بفاعلية من أجل جاهزية أكبر؟
الإجابة على هذه الأسئلة هي التي ستقرر مصير المواجهة القادمة.