QR codeQR code

إستراتيجية إسرائيل الجديدة لكسر إيران

إیران تلکس , 13 تشرين الثاني 2025 ساعة 12:01

كاتب : السید مهدي-نوراني

إیران تلکس - ينتشر على شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُزعم فيه أن شخصين من أفراد الجيش في محطة مترو إمام خميني بطهران حملوا علمَ الأسدِ والشمس ورددوا هتافاتٍ ضد النظام.


خلال السنوات الماضية، وبشكل خاص منذ فتنة عام 1398، ومع كثرة المقاطع المفبركة التي تُصنَع عبر شراء زيّ القوات المسلحة من السوق وسهولة الوصول إلى أزياء عسكرية، وبالنظر إلى القرائن والأدلة والاعتقالات التي طالت أشخاصًا ظهروا في هذه المقاطع، تَبيّن أن هذا الفيديو مُفبرك ويهدف إلى الابتزاز والتحريض على أفراد القوات المسلحة والنشطاء وإثارة الحرب النفسية من قِبَل أعداء النظام، وأن الأشخاص الذين ظهروا بالزيّ العسكري ليسوا في الحقيقة عسكريين.

تقوم الإستراتيجية الإسرائيلية الجديدة على أساس تفكيك تماسك القوات المسلحة الإيرانية.

تُشير خبرة إسرائيل من التحولات الإقليمية إلى أن الانهيار السياسي للدول غالبًا ما يبدأ بتمزق في ولاءات القوات العسكرية، وليس بالضغط الاقتصادي أو القصف فحسب.

سلوك القوات المسلحة في لحظات الأزمات هو العامل الحاسم في مصير أي نظام سياسي.

تُظهر وقائع التاريخ المعاصر أن إسقاط أو استمرار الحكومات يرتبط أكثر من أي شيء بوحدة أو انقسام جهاز القِوَى القهرية لديها.

ففي مصر عام 2011، عندما امتنع المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن تنفيذ أوامر إطلاق النار على المتظاهرين، انهار نظام مبارك خلال أيام معدودة.

وفي سوريا أدت الانشقاقات المتفرقة داخل الجيش بين 2011 و2013 ليس إلى انقلاب موحّد بل إلى حرب أهلية طويلة.

وتجربة الثورة الإسلامية في إيران تُظهر كذلك أن انتصار أو فشل الحركات السياسية مرتبط مباشرةً بقرار القوات المسلحة: ففي عام 1357 رفض قسم من الجيش تنفيذ أوامر القمع فأصبح الجيش محايدًا، فصار الانتقال السياسي ممكنًا.
 
ولذلك سعت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية إلى تغيير إدراك القوات الإيرانية لقدرات واستقرار النظام عبر مزيجٍ من العمليات العسكرية والإعلامية والنفسية، وإحداث شكّ داخل البنية العسكرية تجاه فاعلية القيادة المركزية.

في هذا السياق أخذت حرب الرموز والذاكرة التاريخية مكانًا بارزًا. فقد قدمت وسائل إعلامٍ فارسية قريبة من إسرائيل وبعض الحلفاء الغربيين خلال الأشهر الأخيرة إعادةَ تمثيلٍ مكثفةً لـ«الجيش الشاهنشاهي» وصورةِ الشاه السابق.

في هذا السرد يُعاد بناء رضا بهلوي كرمزٍ لـ«الجيش الوطني المهني غير الإيديولوجي»؛ صورةٌ تحاول إحياء شعور الحنين والفخر العسكري ما قبل الثورة بين الضباط الساعين للتغيير أو المتقاعدين.

ومع أن الأدلة تُبيّن أن جيل القوات المسلحة الحالي يربطه ارتباطٌ عاطفي محدود بتلك الحقبة، إلا أن وظيفة هذه التمثيلات نفسية في المقام الأول: إيصال فكرة أن «بديلًا مهنيًا ووطنيًا» ممكن موازاةً مع البنية الحالية.

هذه الإجراءات جزء من حرب إدراكية أوسع تهدف إلى زعزعة الولاء العسكري ذهنياً، لا بالضرورة إلى تنفيذ عملٍ ميداني فوري. نظريًا، تمثل هذه الإستراتيجية مزيجًا من العمليات الإدراكية و«الهجوم على الذاكرة المؤسسية»: تدمير التصورات المشتركة حول التاريخ والشرعية وواجب القوات المسلحة.

مع ذلك، تواجه هذه الخطة عوائق خطيرة: الولاء الإيديولوجي، والمصالح الذاتية داخل النظام، والشعور بالتهديد الخارجي، كلها عوامل تعزز التماسك على المدى القصير.

من منظور العدو المعتدي، يبقى الانقسام داخل القوات العسكرية العامل الرئيسي لأي تغيير سياسي في إيران، لكن تحقيق ذلك يتطلب تزامنًا لعدة أزمات: أزمة في القيادة، أزمة مالية، أزمة شرعية، وظهور بديْلٍ منظم. قد تكون الحرب التي دامت 12 يومًا قد أحدثت بعض الأضرار، لكنها لم تصل بعد إلى مستوى يسبب تمزقًا داخليًا في البنية العسكرية للبلاد.

محاولة إسرائيل تفكيك الحرس الثوري عبر الضغط العسكري، والعمليات السيبرانية مركبةً ومعقّدة، ومن الصعب تحقيقها على المدى القصير. وما ينتظر البلاد ليس انهيارًا مفاجئًا، بل مرحلة طويلة وهي المرحلة التي ستحدد مستقبل السياسة في إيران.


رقم: 5958

رابط العنوان :
https://www.irantelex.ir/ar/article/5958/إستراتيجية-إسرائيل-الجديدة-لكسر-إيران

ايران تلکس
  https://www.irantelex.ir