وقدّم أليساندرو أورسيني، أستاذ علم الاجتماع بجامعة لويس في روما والكاتب البارز في مجال العلاقات الدولية، تحليلًا مفصلًا للحرب الأخيرة بين إيران والكيان الصهيوني في لقاء عام على هامش مهرجان بانكاريلا الأدبي في إيطاليا، واعتبرها مثالًا واضحًا على التفوق الاستراتيجي لطهران في حرب الصواريخ.

وفي مقابلة مع رئيس المهرجان، نشرها موقع صحيفة "إل فاتو كوتيديانو" على يوتيوب، أشار إلى التحليلات الواردة في كتابه الجديد بعنوان "البيت الأبيض الإيطالي"؛ وصف "فساد المعلومات في دولة تابعة" نموذج الإعلام الغربي في التعامل مع الحروب بثلاث مراحل: الإثارة الجماهيرية، والانفصال عن الواقع، وقلب الواقع. وحسب قوله، فقد لوحظ هذا النمط بوضوح في الحرب بين إيران و"اسرائيل".

وانتقد أورسيني الروايات السائدة في الإعلام الإيطالي التي سارعت إلى التأكيد على "التفوق المطلق لإسرائيل"، قائلاً: "الواقع، على عكس ما انعكس في الإعلام، هو أن إيران كانت لها اليد العليا في حرب الصواريخ والمقاتلات، ولو استمرت هذه المعركة، لكانت إسرائيل قد هُزمت".

وفي إشارة إلى تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، قال: إن مخزون إسرائيل من الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية (أرو 3) أخذ في النفاد، وقد أدى هذا الوضع إلى زيادة الخسائر المحلية. وحسب قوله، فقد دفع هذا الولايات المتحدة إلى التدخل المباشر.

كما أشار البروفيسور الإيطالي إلى الهجوم الإيراني الدقيق على معهد وايزمان، أحد المراكز العلمية المتقدمة في "إسرائيل"، وأضاف: "وفقًا لمديري المركز، تأخر البحث العلمي الإسرائيلي لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات على الأقل".

وأكد أن "إيران تصرفت بحذر في بداية الهجمات واستخدمت صواريخ قديمة، ولكن عندما أدركت أن "إسرائيل" تقترب بسرعة من نفاد احتياطياتها، زادت من شدة ودقة هجماتها. كان التدخل الأمريكي نتيجة خوف من هزيمة "إسرائيل"، وليس لأسباب إنسانية".

وفي إشارة إلى حماسة وسائل الإعلام الغربية في الأيام الأولى للحرب، قال أورسيني: "في اليوم الأول للحرب، زعمت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" في ادعاء سخيف أن آية الله الخامنئي أراد اللجوء إلى روسيا. وبعد أربعة أيام، أعلنت إيران في اجتماع مع ممثلين غربيين في جنيف أنها لن تتراجع خطوة واحدة عن برامجها النووية والصاروخية. وقد أظهر هذا الموقف أن مزاعم انهيار إيران باطلة تمامًا".

وأضاف: "لو استمرت الحرب شهرًا، لكانت "إسرائيل" قد هُزمت. "إسرائيل" لا تملك حتى حاملة طائرات، بينما أرسلت الولايات المتحدة ثلاث حاملات طائرات إلى المنطقة في غضون أيام قليلة".

واعتبر الأستاذ الجامعي الهجمات النفسية التي تعرض لها بعد نشر آرائه دليلًا على "عجز المجتمعات الغربية عن تقبل الحقيقة"، مؤكدًا: "اضطررتُ لإغلاق حسابي على شبكة التواصل الاجتماعي X لحماية نفسي من موجة الكراهية. لأن الإنسان العادي (الذي ينسجم مع عامة الجمهور) لا يطيقُ التشكيك في افتراضاته".

وقال أورسيني: "يعتقد كثيرون في الغرب أن إسرائيل لا تُقهر وأن إيران ضعيفة؛ دون أن يُجروا أي بحث. لكن إذا أثبت أستاذ جامعي عكس ذلك، فإنه يُواجَه بنهج عدواني. واجبي كباحث هو الدفاع عن الحقيقة، حتى لو كانت مُرّة للكثيرين".

واختتم حديثه قائلاً: "الحقيقةاليوم هي أن إيران أظهرت قوة صاروخية تسببت في مشاكل كبيرة لإسرائيل، لدرجة استلزمت تدخلًا أمريكيًا مباشرًا. هذه حقيقة، وليست رواية دعائية".