الخميس 9 تشرين الأول 2025 - 17:43
رقم : 5395
إیران تلکس - في الظروف المتوترة التي تشهدها منطقة غرب اسيا، ما تزال طهران تعتبر الدبلوماسية كأكثر الادوات عقلانية واقل كلفة لتوفير المصالح القومية ومؤشر على آلية استراتيجية هدفها الحفاظ على الاستقرار الاقليمي.
مسار ايران المستدام في الحوار؛ لِمَ الدبلوماسية بالنسبة لطهران استراتيجية لا تكتيك؟

 

ويبدو ان استمرار هذه الرؤية، يضع ايران في موقع اللاعب الذي يملك قوة الردع فضلا عن طاقة التعامل، وهي التركيبة التي ستكون حاسمة ومصيرية في المعادلات المستقبلية للشرق الأوسط.

وتؤكد "العزة والحكمة والمصلحة" بوصفها اهم المتغيرات المفهومية المؤثرة على السياسة الخارجية للجمهورية الاسلامية الايرانية، على الافادة من أداة "الدبلوماسية" بوصفها اقل الطرق تكلفة لنيل المصالح القومية. بعبارة أخرى فان طهران فضلت على مدى تعاطيها لـ 40 عاما الاخيرة، الدبلوماسية على التصعيد العسكري، وهو انتخاب تسعى ايران لكي لا ياتي ابدا من منطلق الإرغام والإملاء.

التركيز على مبدأ الدبلوماسية في الجهاز الدبلوماسي
"الدبلوماسية لا تنفد ابدا وهي مستدامة" هو المبدأ الذي يؤمن به جهاز الدبلوماسية الخارجية لايران وورد على لسان وزير الخارجية عباس عراقجي خلال لقائه حشدا من السفراء والقائمين بالاعمال الاجانب المعتمدين لدى البلاد.

وقال عراقجي في اللقاء: "من وجهة نظرنا، فان دور الدبلوماسية لا يمكن اقصاؤه أو تجاهله ابدا. نحن سنواصل هذا المسار كما ان ايران تتصرف بمسؤولية في استثمار اداة الدبلوماسية لمتابعة مصالحها."

أما المتحدث باسم الخارجية الايرانية اسماعيل بقائي فقد اكد بدوره على الافادة من اداة الدبلوماسية في التعاطي مع العالم

وقال: "نرى أن مسار الدبلوماسية لن يُغلق ابدا. اننا نستخدم جميع الادوات لتحقيق مصالحنا القومية، ومتى ما شخّصنا بان الدبلوماسية مؤثرة ومثمرة، فلن نتردد في الاستفادة منها.

ان التركيز على الدبلوماسية في منظور مسؤولي وزارة الخارجية لا يعني انكار التحديات القائمة في علاقات ايران مع بعض الدول الغربية، وعليه، فان عراقجي وبقائي تطرقا في اجتماعاتهما الى هذه التحديات. ان المازق الموجود الان في الدبلوماسية هو كما قال الوزير عراقجي ناتج عن المطالب المبالغ فيها للطرف الغربي،

وحسبما قال بقائي: "القضية تكمن في ان الموضوعات العالقة بين ايران وامريكا، هي بشكل رئيسي وبالاحرى بالمطلق ناتجة عن سوء تقدير والمطالب المبالغ فيها للطرف الاخر."
القاء نظرة على اعتماد ايران للدبلوماسية خلال السنة الماضية

إن ايمان الجمهورية الاسلامية الايرانية بمتابعة مصالحها بالطرق الدبلوماسية على مدى الاعوام الاربعين الماضية، اوضح من ان يكون بحاجة إلى الاثبات. لقد اظهرت طهران على مدى الاشهر الثمانية المنصرمة على  اقل تقدير، وفي حقب زمنية مختلفة، دعوتها للدبلوماسية في اطار الحوار مع الدول الاوروبية الثلاث وامريكا والوكالة الدولية للطاقة الذرية وبلدان المنطقة وباقي القوى والحكومات في العالم.

وفي هذه الحقبة الزمنية بالذات، ان اخذنا رسالة الرئيس الامريكي كمعيار، سيتضح أن طهران ابدت المزيد من المرونة في الرد على هذه الرسالة وبدات محادثات غير مباشرة مع مبعوث الرئيس الامريكي. وجرت المحادثات ضمن 5 جولات، وعشية الجولة السادسة منها، قُصفت ايران بضوء اخضر امريكي وعلى يد الكيان الاسرائيلي.

وقبل المفاوضات مع امريكا، اجرت طهران مفاوضات مع ممثلي الدول الاوروبية الثلاث وكانت بصدد تسوية المشاكل العالقة عن طريق الدبلوماسية.

ومثلت نهاية حرب الـ 12 يوما، بداية للمطالب الدولية للعودة الى طاولة المفاوضات، لكن ايران سعت في هذه المرة للافادة من الاداة الدبلوماسية الاخرى اي الجانب القانوني لنيل اهدافها؛ وفي هذه الفترة اكد وزير الخارجية والفريق الدبلوماسي الايراني على ذلك في اي حوار ومنبر "لماذا يجب الاعتناء مرة اخرى بالمزاعم الدبلوماسية التي يطلقها بلد أو بلدان قصفت طهران وسط المفاوضات الدبلوماسية؟" وهو سؤال منطقي لم تجد واشنطن والترويكا الاوربية جوابا له.

وبلغت ذروة حسن نية ايران على طريق الدبلوماسية، في القاهرة بمصر حيث قررت الابقاء على طريق العودة الى صيغة ونسخة معقولة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفتوحا.

وقررت الجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى الرغم من كل التطورات والاحداث، وبوصفها بلدا مسؤولا في العالم، الاحتفاظ بعضويتها في معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية (NPT) واعلنت في العاصمة المصرية القاهرة جهوزيتها المشروطة لاستئناف التعاون مع الوكالة الدولية.

بيد أن تفعيل السناب باك وعودة العقوبات الاممية، كان ذلك الطريق المسدود التي اوجدته الدول الاوروبية. ومع ذلك بذلت طهران في الجمعية العامة للامم المتحدة اخر جهودها لكسر هذا المازق، غير ان غاية المرونة هذه تجوهلت بتحريض من امريكا وتنفيذ من اوروبا، لتصبح الدبلوماسية في أقل حقبها الزمنية اثرا.

لماذا الدبلوماسية مهمة في غرب اسيا؟
والحقيقة انه على الرغم من ان الدبلوماسية تمثل افضل اداة للاستقرار في ارجاء العالم، لكن هذه الاداة تشكل حاجة  ماسة وضرورة في الشرق الاوسط المضطرب اصلا واكثر من باقي المناطق الجغرافية.

ان غرب اسيا وبعد جولتين من الاشتباكات العسكرية القصيرة لكن المهمة، بلغ اليوم موقعا بحيث أن اي حرب وصراع عسكري، يلحق أضرارا لا يمكن تعويضها ببنيته التحتية الاقتصادية والاجتماعية الهشة اصلا وحتى الاجتماعية والثقافية.

وعلى الرغم من ان الدبلوماسية واستخدامها للتغلب على الازمات السائدة، تعد اكثر المسارت عقلانية واكثر الطرق منطقية، لكن في غرب اسيا، ثمة كيان ورئيس وزراء لا يقبل بهذا المبدأ المنطقي والخيار العقلاني فحسب بل يرفضه ويتصرف على النقيض منه. وبما ان الكيان الاسرائيلي اكتسب شرعيته عن طريق القوة والسلاح، فانه لا يطيق اي مفهوم يتعارض ومصدر هذه الشرعية.

وبالنسبة لبنيامين نتنياهو، فان الحوار بوصفه جزء من الدبلوماسية واقرار السلام والاستقرار في ظل هذا الحوار، يعني الموت السياسي، ولذلك فان اي الية ترجئ هذا الموت والالتهابات، تحظى بالاولوية والاهمية بالنسبة له. ان دق الكيان الصهيوني لطبول الحرب يجر امريكا في اي حقبة زمنية الى هذا الطلب المرير، وحوّل السلام في المنطقة الى بضاعة نادرة.

ان تاكيد ايران على الحوار في الوقت الذي تحتفظ فيه بامكانياتها وقوتها في الدفاع عن نفسها، تحول الى ورقة طهران الرابحة في الاشهر الاخيرة. ومع ذلك فان السير على طريق الدبلوماسية يجب ان يُعلن من قبل الطرف او الاطراف الاخرى، كضرورة وامر مقبول وأن تكون مؤشرات وعلامات هذا الامر واضحة.

وعليه، فان طهران ستكون جاهزة للحوار واعتماد الدبلوماسية بمجرد أن تشاهد مؤشرات على العقلانية في سلوك الغرب.
https://www.irantelex.ir/ar/news/5395/
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني

أحدث العناوين
الأكثر قراءة