وفي اجتماع المجلس الأعلى للعلوم والبحوث والتكنولوجيا، قال عارف إن الثورة الإسلامية «ثورة ثقافية قائمة على العلم»، مضيفاً أن تأكيدات الإمام الخميني (رض) والقيادة العليا منحت العلم والتكنولوجيا مكانة أداة لخدمة الإنسان.
وأشار إلى أهمية دور المجلس باعتباره إحدى الهيئات العليا والمؤثرة، ليس فقط في المجال العلمي، بل في مختلف القطاعات التنفيذية والإدارية، داعياً إلى عقد اجتماعاته بانتظام كل شهرين.وتطرق عارف إلى الحرب «التي فرضها أناس لا يعترفون بأي معيار»، مؤكداً أن ما تحقق خلالها كان بفضل التوجه نحو العلم والتكنولوجيا.
وأضاف أن أحد أهم دروس تلك التجربة أن «لا خيار أمام البلاد سوى إعطاء الأولوية للعلم والتقنية».وقال النائب الأول للرئيس إن تحقيق نتائج حقيقية من الجامعات يستلزم حسم القرارات داخل مثل هذه الاجتماعات التي تضم كبار مسؤولي التعليم العالي والبحث والتطوير في البلاد.
وأكد الحاجة الملحة اليوم إلى «قفزة علمية» أكثر من أي وقت مضى، موضحاً أن تحقيق أهداف وثيقة الرؤية العشرينية كان سيتيح للبلاد التقدم في بقية المجالات، لأن «العلم لا يتعارض مع أي قطاع، بل يدعمه».
وأشار إلى أن الفجوة ما تزال قائمة بين الواقع الحالي وما نصّت عليه وثيقة الرؤية فيما يخص التكنولوجيا المتقدمة، داعياً إلى مراجعة التجارب السابقة وسد الثغرات للوصول خلال ثلاث سنوات إلى الأهداف المحددة، معتبراً أن الجميع يتحمل المسؤولية إن لم يتحقق ذلك.وشدد عارف على أن القيادة تولي أهمية قصوى لـ«مرجعيتنا العلمية ومكانة إيران في قيادة التيار العلمي العالمي بهوية إيرانية ـ إسلامية»، مؤكداً إمكانية بلوغ هذه المكانة من خلال انسجام الإدارة العلمية في البلاد.
كما أشاد بدور المجلس الأعلى للعلوم في عقد النخب العلمية وإدارة ملف العلم والتكنولوجيا في إطار الوثائق الوطنية، مؤكداً أن المجلس يجب أن يكون مركز التنسيق وصنع القرار الوطني في هذا المجال.
وفي حديثه عن تطور التعليم العالي، ذكّر عارف بأن عدد الطلاب في البلاد كان قبل عام 1980 نحو 175 ألف طالب فقط، فيما تضاعف الرقم اليوم بشكل كبير، مؤكداً أن «التحول العلمي مهمة مشتركة»، وأن تجاوز التحديات يتطلب تكاملاً بين الحكومة والصناعة والجامعات.وأكد النائب الأول للرئيس إمكانية وصول إيران إلى مرجعيات علمية عالمية، شريطة توفر «الانسجام الإداري»، مشيراً إلى أن البلاد حققت تقدماً لافتاً في التكنولوجيا الحيوية والنانوتكنولوجيا، حيث وصلت إلى تصنيف عالمي ضمن المراكز الخمسة الأولى.
وأضاف أن الحصول على «رتبة أحادية» في المجال العلمي هدف حدده قائد الثورة، مشيراً إلى أن بعض الخطوات بدأت بالفعل، لكن تحقيقها يتطلب تكاملاً وتقسيم عمل وطنياً.
وانتقد اعتماد البلاد على نقل التكنولوجيا، معتبراً أنه يفرض تكاليف ويجلب ملوثات صناعية يصعب احتواؤها، داعياً المجلس إلى معالجة هذه القضايا بواقعية أكبر.كما شدد على أهمية «السواد الرقمي» وتحديث مهارات المديرين، موضحاً أن التهديدات أصبحت «ناعمة» وأن الرد عليها لا يكون إلا بالعلم والتكنولوجيا.وحول «الدبلوماسية العلمية»، قال عارف إن التواصل العلمي مع العالم شهد انقطاعاً، وإن عدم المشاركة في المؤتمرات والفرص العلمية «مجرد هروب من المشكلة»، متسائلاً كيف يمكن لأستاذ لم يواكب التطورات العالمية أن يلبّي متطلبات العصر؟ودعا إلى تمكين الجامعات بوصفها مؤسسات عامة مستقلة، مشدداً على أن التدخلات الإدارية تعطل دورها في حل المشكلات الوطنية.
وفي ما يخص التحديات الوطنية، ومنها أزمة المياه، أكد عارف أن الحل يكمن في الاستفادة من القدرات العلمية المحلية، مشيراً إلى أن البلد لا يحتاج إلى خبرات أجنبية، بل يمتلك علماء قادرين على حل مشاكل الداخل والعالم الإسلامي.
وتناول ملف النخب الإيرانيين في الخارج، داعياً إلى تسهيل عودتهم المؤقتة والدائمة، وإزالة النظرة السلبية تجاههم، مؤكداً أن كثيراً منهم راغب في خدمة البلاد حتى إن لم يستطع العودة للإقامة الدائمة.
كما طالب بوضع آليات فعالة لجلب البيانات العلمية وإدارتها، مؤكداً أن «كل بايت من البيانات له قيمة».وفي الختام، دعا عارف إلى توفير العدالة العلمية وزيادة حصة البحث والتطوير من الناتج المحلي، مؤكداً ضرورة التحرك السريع لتحقيق أهداف الرؤية في السنوات الثلاث المقبلة.
ووافق المجلس في اجتماعه الأخير على حزمة من الخطط، من بينها: تصميم نموذج الجامعة من الجيل الرابع، إعداد برنامج تدريبي لمديري العلم والتكنولوجيا، تنفيذ وثيقة نظام الابتكار الوطني، صياغة السياسات الخاصة بالقفزة العلمية ومرجعيتها، تطوير سياسات الدبلوماسية العلمية، وضع إطار لجذب النخب والحد من الهجرة، دعم الأبحاث الموجهة نحو حل المشكلات، وتطوير السياسات الخاصة بالذكاء الاصطناعي ورفع مستوى الثقافة الرقمية.