إیران تلکس - باستضافتها مناورات "سهند 2025" لمكافحة الإرهاب في محافظة أذربيجان الشرقية، لم تستعرض إيران قوتها العسكرية فحسب، بل حشدت أيضًا تحالفًا قويًا من الشرق لمواجهة التهديدات المشتركة.
باستضافتها مناورات "سهند 2025" لمكافحة الإرهاب في محافظة أذربيجان الشرقية، لم تستعرض إيران قوتها العسكرية فحسب، بل حشدت أيضًا تحالفًا قويًا من الشرق لمواجهة التهديدات المشتركة.
تُعد هذه المناورة المشتركة، بحضور عملياتي لقوات بيلاروسيا وأوزبكستان ووفود رفيعة المستوى من 10 دول أعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، أول تجربة عملية لإيران على هذا المستوى بعد النصر الأخير، وتبعث برسالة استراتيجية لضمان أمن الممرات الاقتصادية الحيوية.
انطلقت المرحلة الرئيسية من مناورات "سهند 2025" باستضافة القوات البرية للحرس الثوري الإسلامي في لواء إمام زمان (عج).
لم تكن المناورة، التي استمرت ثلاثة أيام، مجرد مناورة عسكرية بسيطة؛ بل كانت عرضًا منسقًا لقدرات مكافحة الإرهاب باستخدام ذخيرة حقيقية وتقنيات متطورة مثل الطائرات المسيرة الانتحارية الصغيرة.
نفذت القوات الإيرانية، إلى جانب فرق عملياتية من بيلاروسيا وأوزبكستان، سيناريوهات حقيقية لمكافحة الإرهاب، بينما راقبت العملية وفود عسكرية وأمنية من جميع الدول الأعضاء العشر في منظمة شنغهاي للتعاون، بما في ذلك الصين وروسيا والهند وباكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وبيلاروسيا وأوزبكستان وإيران.
كما حضرت أربع دول ضيفة: المملكة العربية السعودية والعراق وسلطنة عمان وأذربيجان، مما يُبرز اتساع نطاق التقارب.
في زيارة للوحدات المشاركة، أكد العميد محمد كرمي، قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، أن "جمهورية إيران الإسلامية ضحية للإرهاب مع 17 ألف شهيد، فإن هدف هذه المناورات هو التصدي الحاسم للأعمال الإرهابية". وأعلن عن الجاهزية العالية للوحدات، وقال: "من خلال تصميم سيناريوهات مختلفة، تم تهيئة الظروف لتبادل الخبرات".
كانت هذه المناورات أول عملية ميدانية مشتركة لمنظمة شنغهاي للتعاون على الأراضي الإيرانية، وقد استضفناها لأول مرة. وأوضح محمد ساجدي فر، الخبير في الشؤون السياسية، في مقابلة: "تُعقد هذه المناورات لتعزيز التضامن وإظهار التماسك أكثر من كونها أهدافًا تكتيكية".
منظمة شنغهاي، التي تأسست عام ١٩٩٦ تحت اسم شنغهاي ٥، تغطي اليوم نصف سكان العالم بعشرة أعضاء، وإيران عضو رسمي فيها منذ عام ٢٠٢٣.
وأضاف: إن استضافة إيران للجولة الرابعة من هذه المناورات لمكافحة الإرهاب، والتي لم تُعقد إلا أربع مرات خلال عقدين، تعكس الموقع الاستراتيجي لبلادنا.
ولم يكن اختيار محافظة أذربيجان الشرقية مقرًا للمناورات مصادفة. فهذه المنطقة تُعد ملتقى ثلاثة ممرات حيوية: الشمال والجنوب، وطرق الطاقة في بحر قزوين إلى الخليج الفارسي، والروابط مع القوقاز وآسيا الوسطى. إن إقامة المناورات في هذه المرحلة الحساسة يبعث برسالة واضحة للشركاء والمنافسين: إيران مستعدة لضمان أمن هذه الطرق الاقتصادية ضد التهديدات الإرهابية. وهذا الإجراء يُرسخ مكانة إيران كضامن أمني موثوق في الحلف.
في المرحلة الأخيرة، التي جرت يوم الخميس، نفذت القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، إلى جانب القوات البيلاروسية والأوزبكية، سيناريوهاتٍ متنوعة. ومن أبرزها:
- التدمير الذكي: قطعت وحدات التدمير المزودة بمتفجرات متطورة خطوط اتصال الإرهابيين. - قصف الطائرات المسيرة: دمرت كتائب سجيل مواقع العدو بطائرات مسيّرة مزودة بذخائر ذكية.
- دفاع حدودي قوي: صدت وحدات خاصة متمركزة في التحصينات دخول الإرهابيين.
- الدعم الجوي: أطلقت مروحيات كوبرا التابعة للحرس الثوري الإيراني نيرانًا دقيقة على المواقع، بينما قامت مروحيات مي-17 و214 بإنزال القوات.
- إنقاذ الرهائن: نُفذت عملية مشتركة لإنقاذ الرهائن من حافلة بنجاح.
أبرزت العملية القدرات الفريدة للقوة البرية للحرس الثوري الإيراني في مواجهة الجماعات غير النظامية، وهي قوةٌ أرست أمنًا مستدامًا في شمال غرب وجنوب شرق إيران، وتشارك خبراتها مع شركائها.
في رسالته الافتتاحية للمناورة، وصف اللواء محمد باكبور، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حضور الضيوف بأنه "شرف" وشكر الجنرال شرشييف، رئيس لجنة شنغهاي لمكافحة الإرهاب. وأشاد بشهداء مكافحة الإرهاب، ومنهم الشهداء سليماني وباقري وسلامي ورشيد،
مؤكدًا: "للحرس الثوري الإيراني تجارب قيّمة في مواجهة الإرهاب التكفيري والانفصالي، وهو مستعد للمشاركة بلا حدود". وأضاف باكبور: "الإرهاب لا يعرف حدودًا، وهذه المناورة مصممة لتعزيز القوة الجماعية".
يُعد هذا الحدث، الذي أقيم مباشرةً بعد حرب الـ 12 يومًا، استعراضًا للقوة الإيرانية. بعيدًا عن المجال العسكري، تُقدّم مناورة "سهند 2025" تعريفًا مستقلًا للإرهاب؛ ففي مقابل التقسيم الغربي إلى "إرهابيين جيدين وأشرار"، تُركّز مناورة "سهند 2025" على الحقائق الإقليمية. ويمكن أن تكون آثارها اقتصادية: ثقة أمنية في العقود الكبيرة، وتسريع وتيرة الممر الشمالي الجنوبي، وتعزيز مكانة إيران كشريك تكنولوجي.
في نهاية المطاف، تُمثّل مناورة "سهند 2025" نقطة تحوّل في الدبلوماسية الدفاعية الإيرانية؛ من عضو جديد في القطب الأمني الشرقي، مُعلنةً دورًا فاعلًا في النظام العالمي الجديد. لا تُعزّز هذه المناورة الأمن الإقليمي فحسب، بل تُرسل أيضًا رسالة سلام وتعاون إلى العالم الشرقي.