الأربعاء 31 يناير 2024 - 12:11
رقم : 1404
إيران تلكس - دخلت الحرب في غزة شهرها الخامس وما تزال الهجمات البرية والجوية الوحشية التي يشنها الكيان الصهيوني تحصد الضحايا من سكان غزة وحتى الآن لا توجد بوادر لوقف هذه الحرب الوحشية.والسؤال الذي يدور في الأذهان، كيف يمكن لمحور المقاومة أن يوقف الماكنة الحربية للكيان الصهيوني في غزة؟
أين تقف سوريا من حرب غزة؟
أين تقف سوريا من حرب غزة؟
وعند الحديث عن محور المقاومة، تتجه الأذهان إلى حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والمقاومة الإسلامية في العراق وسوريا، والجمهورية الإسلامية الإيرانية.ولعل السؤال الأبرز الذي يطرح في الآونة الأخيرة عن دور سوريا في حرب غزة، وهذا سؤال مهم بطبيعة الحال؛ لأن سوريا عضو رئيسي في محور المقاومة وبناءاً على ذلك ينبغي عليها التدّخل لدعم حماس، وهو ما لم يحدث كما كان يتوقع.

وللإجابة على هذا السؤال ينبغي دراسة الأوضاع في سوريا، فدمشق لم تتجاوز الأطر الدبلوماسية في مواجهة الكيان الصهيوني، وفي الوقت نفسه، لدى دمشق مشاكل خطيرة مع تل أبيب. فعلى سبيل المثال، احتل الكيان الصهيوني مرتفعات الجولان منذ عام 1967 ولم تتمكن سوريا من استعادتها، وكان الجيش الصهيوني ناشطا في الأزمة الداخلية في سوريا وأراد الإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد.

كما شهدت الأراضي السورية غارات جوية إسرائيلية عدة مرات ومستمرة وهناك كل فترة غارة جوية على سوريا تستهدف أماكن تابعة للجيش السوري وغيرها من الأماكن التابعة لإيران أو حزب الله.

وقال الرئيس السوري بشار الأسد حول ما يجري في غزة:
"إنّ المقاومة مرّغت أنف الكيان الصهيوني في التراب على الرغم من كل الدعم المقدَّم إلى جيشه، والمقاومة تمكنت من كسر الهيمنة الصهيونية على الرواية العالمية، عبر نشر الحقيقة، والتعامل الأخلاقي مع الأسرى. المقاومة الفلسطينية تدافع عن سوريا أيضاً وثمن الدفاع أقل من الاستسلام وأكثر ما يُرعب هذا الكيان اليوم هو أن يعرف العالم حقيقته الإرهابية، لذلك فإنّ المعركة هي معركة الحقيقة اليوم. غزة اليوم تدافع عن فلسطين، وفلسطين تدافع عن سوريا، وفلسطين تدافع عن كل الدول العربية، وكذلك هو الوضع بالنسبة إلى المقاومة في لبنان، التي تدافع عن الجنوب، وتدافع عن كل لبنان، وتدافع عن سوريا، وتدافع عن العرب أيضاً والانبطاح أمام الأعداء ليس خياراً، وإنما انتحار. وأن ما يتقاطع بين الحرب السورية والحروب في فلسطين وأوكرانيا والصين - بحر الصين الجنوبي وفنزويلا وغيرها، أن كل حروب الغرب، وتحديداً حروب أميركا، تستند في الدرجة الثانية إلى السيطرة على الأرض، لكن في الدرجة الأولى إلى السيطرة على الحقيقة".

وبالنظر إلى ما ذكرناه، فإن السؤال هو لماذا حكومة بشار الأسد لم تدخل إلى الميدان لدعم حماس كما كان يتوقع؟

أولاً: صحيح أن سوريا تعتبر عضواً في محور المقاومة الذي تقوده الجمهورية الإسلامية، لكنها دولة، ولا يمكن مقارنة سوريا بحماس وحزب الله والحشد الشعبي وأنصار الله، فالحكومة السورية يتطلب منها أن تتصرف بشكل مستقل في الشؤون الخارجية. وبطبيعة الحال، لن تتجاهل اعتبارات حلفائها؛ لكن ذلك لا يعني أنها ستخوض حربًا مع الكيان الصهيوني. وإذا كانت سوريا ستدخل الحرب، فإنها ستقرر بناءً على وضعها الداخلي وقوتها العسكرية وإذا دخلت حكومة الأسد الحرب، فلن تكون مثل أنصار الله وحزب الله؛ لأن دخول الحكومة إلى ساحة المعركة حتماً يغير الموازين.

ويمكن القول إن حكومة الأسد هي القوة الأكثر فعالية في الشرق الأوسط بالنسبة لمحور المقاومة، والمحور يفضل إدخالها إلى اللعبة بذكاء، بدلاً من الشعور بأن خسائرها تفوق مكاسبها. على سبيل المثال، إذا تم إضعاف حماس، فمن السهل إعادة بنائها؛ لأنها جماعة مسلحة. ولكن إذا تم إضعاف سوريا، فإن إعادة إعمارها سوف يكون صعباً ويستغرق وقتاً طويلاً؛ لأنها حكومة.

ثانياً: سوريا لديها مشاكل داخلية وصحيح أن حكومة بشار الأسد خرجت بسلام من تحت أنقاض الحرب الأهلية، لكنها لا تزال تدرك خطورة توابعها، وإن الضربات التي لحقت بجسد سوريا خلال الحرب الأهلية كانت مدمرة للغاية لدرجة أن التعافي منها سيستغرق سنوات. وفي الوقت الراهن، تتمثل مهمة الأسد في محاولة منع عودة الاحتجاجات الداخلية وإعادة بناء الأنقاض التي خلفتها الحرب، وليس بدء حرب جديدة مع الكيان الصهيوني. إذا دخلت سوريا في صراع مع الكيان المحتل، فسوف تواجه وضعاً أسوأ من الحرب الأهلية، الأمر الذي سيتطلب الكثير من الوقت والموارد للعودة إلى الوضع الحالي، وهو ما لا تستطيع هذه الدولة ومحور المقاومة تحمله. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها 30 قاعدة عسكرية في سوريا، إضافةً إلى الكيان الغاصب الذي يدعم المعارضة، وكذلك تركيا التي تستهدف بشكل متكرر شمال سوريا بغارات جوية، وهناك تنظيمات ارهابية نشطة في مناطق مختلفة وقبل البدء بالحرب مع الكيان الصهيوني، وهي ساحة حرب لم تتوقف حتى الآن في الداخل بين الحكومة والمعارضة والجماعات التكفيرية ومن جهة أخرى ساحة صراع مفتوحة بين القوى العالمية والإقليمية.

ثالثاً: يقوم بشار الأسد شخصيا بتنسيق عملياتي ولوجستي كامل مع محور المقاومة. ووفقا للاتفاقية، فإن بشار الأسد، رغم كونه حذرا ويتخذ الحد الأدنى من الإجراءات، ملتزم بدعم الحرب ضد الكيان الصهيوني بشكل كامل ولكن غير معلن. وتعتبر سوريا أهم ممر لنقل القوات والأسلحة إلى حزب الله وحماس. يجب أن يبقى هذا الممر آمناً ولا يدخل في المعركة. ولذلك يقصف الكيان المحتل مطاري دمشق وحلب وقواعد عسكرية وبنى تحتية في الريف السوري بحجة ردع القوات الداعمة لمحور المقاومة المتمركزة في هذا البلد. وسوريا مشاركة بالحرب وتدفع ثمن الحرب كل يوم لأنها تدعم المحور وهي جزء اساسي له وفي حال تصاعدت الحرب في غزة، هناك احتمال أن تعود سوريا، التي سئمت الحرب الأهلية، إلى الميدان من جديد.

رابعاً: تشير الإحصائيات إلى أن القوة العسكرية لدمشق تفوق قوة حزب الله وأنصار الله والمقاومة الإسلامية العراقية، ولهذا السبب فإن دخول الجيش العربي السوري إلى الحرب يمكن أن يطيل أمد الحرب ويزيد من مستوى الصراعات وهذا ما لا يريده محور المقاومة بل يريد وقف الحرب في غزة. ولدى بشار الأسد جيشاً مستقلاً وكلاسيكياً، وهذا الجيش، رغم ضعفه بسبب الحروب الأهلية، لا يزال قوامه 270 ألف جندي وعسكري، ويمتلك 271 طائرة حربية، ونظام دفاع صاروخي وهجومي قوي، ومجهز بحوالي ألفي دبابة وآلاف العربات المدرعة. ويمتلك الجيش العربي السوري أيضًا قوة بحرية، ويمتلك 47 سفينة حربية وسفينة نقل عسكرية. وتشير الإحصائيات إلى أن القوة العسكرية لدمشق تفوق قوة حزب الله وأنصار الله والمقاومة الاسلامية العراقية، ولهذا السبب فإن دخول الجيش العربي السوري إلى الحرب يمكن أن يطيل أمد الحرب ويزيد من مستوى الصراعات.

وقبل أحداث اليومين الماضيين، شارك كل من العراق واليمن وجنوب لبنان في الحرب، إلا أن سوريا بقيت خارج الصراعات إلى حد ما. وتسببت الأحداث الأخيرة في دخول سوريا في حرب مباشرة مع أمريكا وحلفائها. لقد وصل الصراع بين سوريا وأمريكا والكيان المحتل إلى ذروته في اليومين الماضيين ودخل مرحلة جديدة وخطيرة. وتعرضت قاعدة "برج 22" لهجوم من قبل المقاومة من داخل الاراضي السورية في الأردن. وتقع هذه القاعدة الأميركية في نقطة استراتيجية شمال شرق الأردن، بالقرب من الحدود السورية والعراقية، وتبعد مسافة قصيرة عن قاعدة "التنف" الكبيرة في سوريا. ثم تم استهداف قاعدة الشدادي مقر الأمريكان في سوريا بصاروخ من داخل الاراضي السورية.

من ناحية أخرى، هددت الولايات المتحدة بالرد على الهجوم الأخير على البرج 22 الذي أدى إلى مقتل العديد من الجنود، وقد تتعرض سوريا والعراق لضربات جوية أمريكية.كل ذلك يدل على أن سوريا تستعد للدخول في الحرب، وإذا اشتدت الاشتباكات وخرجت عن سيطرة الأطراف، فقد تفتح دمشق جبهة جديدة من الصراعات. لكن دخول دمشق إلى الصراعات بعد السابع من تشرين الأول سيغير المعادلات السياسية والعسكرية ويبدو أن دخول سوريا في الصراعات أكثر من دخول حزب الله والمقاومة الإسلامية في العراق واليمن يمكن أن يجعل الحرب صعبة وقاتلة ويزيد من طولها ودمويتها.
 
https://www.irantelex.ir/ar/article/1404/
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني

أحدث العناوين
الأكثر قراءة