إیران تلکس - إيران، من خلال توسيع علاقاتها الاقتصادية والمالية مع دول المنطقة، تعمل على إنشاء آلية جديدة لتحييد آثار العقوبات ومواجهة "سناب باك".
وقد أفادت وكالة مهر للأنباء أنّ زيارة وزير الاقتصاد والمالية الإيراني السيد علي مدني زاده إلى "دوشنبه" ومشاركة طهران في "المنتدى الدولي للاستثمار 2025" تُعد مؤشراً على تنشيط "الدبلوماسية الاقتصادية الشرقية" في مواجهة الضغوط الغربية.
ويُشار إلى أنّ عام 2025م، يشهد تصاعد التحذيرات الأمريكية والأوروبية بشأن إعادة تفعيل آلية «سناب باك»، غير أنّ الواقع يُظهر تَشكُّلَ منظومةٍ جديدة من العلاقات الإقليمية القادرة عملياً على تحييد العقوبات.
وخلال العامين الماضيين، أصبحت كلٌّ من طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان وكزاخستان وحتى أفغانستان محوراً للتجارة غير الدولارية وسلسلة المقايضة في مجالات الطاقة والخدمات الفنية – الهندسية والسلع الاستراتيجية الإیرانیة. وقد أوجدت هذه الروابط، بعيداً عن المبادلات المصرفية الرسمية، إطاراً جديداً للتعاون المالي القائم على العملات المحلية وشبكات التسوية الإقليمية.
من الاتفاقات الإقليمية إلى خريطة طريق في عام 2025م
تُعدّ العلاقات الاقتصادية بين إيران ودول الجوار منذ تسعينيات القرن الماضي، ولا سيّما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، أحد المحاور الثابتة في السياسة الاقتصادية الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وتشكل العضوية الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون، وتوسيع ممر الشمال–الجنوب الدولي (INSTC)، وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، الأركان الثلاثة لهذه الدبلوماسية المقاومة.
تمكّن البنك المركزي الإيراني خلال الأعوام الأخيرة من تسوية ما يزيد على 4.7 مليارات دولار من التزاماته المالية عبر الترتيبات الثنائية مع طاجيكستان وأذربيجان وروسيا والعراق وعُمان بنظام المقايضة، ما يُظهر نمواً يقارب 65% مقارنةً بمتوسط الأعوام 2021 إلى 2023م.
دور تأثير آلية "سناب باك" وردّ إيران البنيوي
العودة المحتملة لآلية "سناب باك"، رغم أنّها تُشكّل تهديداً قانونياً لصادرات النفط الإيرانية، إلا أن بيانات الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 تشير إلى استقرار صادرات الخام الإيراني عند حدود 1
.35 مليون برميل يومياً، تتجه بمعظمها إلى مصافي صغيرة في الصين والهند وسوريا وعدد من الشركات المستقلة في آسيا الوسطى، عبر ترتيبات المقايضة وآلية «النفط مقابل السلع».
طاجيكستان؛ بوابة الاستثمار الأخضر
تُعدّ طاجيكستان، بمواردها المائية الضخمة وموقعها المحوري في ربط الممرات الشرقية، أحد الشركاء الآمنين لإيران في إطار سياسة «الاستثمار الأخضر».
ويشكّل "المنتدى الدولي للاستثمار في دوشنبه 2025"، الذي يُعقد تحت شعار «فرصة اليوم من أجل استدامة الغد»، منصةً لعرض مشاريع الطاقة النظيفة والطاقة الكهرومائية والتكنولوجيا الرقمية والصناعات التحويلية.
الميزة الاستراتيجية للربط التحتية
إلى جانب البعد المالي، يؤثر تطوير البنى التحتية للنقل بين إيران وجيرانها في الشرق والشمال بشكل مباشر على خفض تكاليف التجارة. فقد أدّت استكمالات خطوط السكك الحديدية خواف–هرات، وربط سَرَخْس ببندر عباس، وتطوير مسار رشت–آستارا، إلى تقليص زمن عبور البضائع من آسيا الوسطى إلى الخليج الفارسي من 28 يوماً إلى أقل من 12 يوماً.
الخطط الخمسية: من التعاون الاقتصادي إلى الاندماج المالي
تشير التحولات الراهنة إلى أنّ هيكل التعاون الاقتصادي الجديد بين إيران وجيرانها لم يعد مقتصراً على التجارة السلعية، بل يتجه نحو الاندماج المالي. ومع الإطلاق التدريجي لمنصة «الريال الرقمي الإقليمي» وربطها بـ«الساماني الرقمي» في طاجيكستان، من المتوقع أن تُفعّل سلسلة المدفوعات المعتمدة على تكنولوجيا البلوك تشين الوطنية بحلول نهاية عام 2026.
في الختام، يمكن القول إن تجربة العقدين الأخيرين أظهرت أنّ تنويع العلاقات الاقتصادية مع الجيران لم يُقلّل فحسب من هشاشة الاقتصاد الإيراني أمام العقوبات، بل أدّى تدريجياً إلى دفع آلية الضغوط الغربية إلى الهامش.
وفي هذا السياق، تُعدّ زيارة وزير الاقتصاد إلى طاجيكستان أكثر من حدث دبلوماسي؛ فهي حلقة جديدة في سلسلة جهود إيران لإحباط العقوبات ووضع خريطة طريق للتنمية المالية غير الدولارية.