إیران تلکس - أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن استخدام نظام صدام للأسلحة الكيميائية ضد الشعب الإيراني يُعدّ مثالاً واضحاً على "جريمة حرب"، قائلاً: "هذه القضية لن تنسى مع مرور الزمن أبداً".
ألقى إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، كلمة في مؤتمر "أنفاس محروقة" لإحياء ذكرى قدامى المحاربين في الأسلحة الكيميائية.
فيما يلي نص كلمة إسماعيل بقائي:
بسم الله الرحمن الرحيم
المحاربون القدامى الكيميائيون، عوائل الشهداء والمحاربين القدامى الكرام، نائب الرئيس المحترم ورئيس مؤسسة شؤون الشهداء والمحاربين القدامى، نواب الرئيس المحترمون، السفراء المحترمون وممثلو مكاتب المنظمات الدولية،
السلام عليكم،
يُعدّ انعقاد المؤتمر الدولي للمحاربين القدامى الكيميائيين فرصة ثمينة لكي لا تُصبح إحدى أكبر جرائم الحرب التي ارتُكبت في القرن العشرين ضد إيران والإيرانيين مجرد بقعة سوداء في التاريخ المعاصر؛ بل سيظل مطلب إنصاف مرتكبي هذه الجريمة وشركائها قائمًا ومستمرًا، كمطلب وطني ودولي مستمر.
إن هذه المظالم والمطالبة بالعدالة ليست مجرد مسألة قانونية لإحقاق حقوق قدامى محاربي الأسلحة الكيميائية وعائلاتهم، بل هي أيضًا مسؤولية جماعية لمنع تطبيع هذا العمل اللاأخلاقي، وجهد مسؤول لمنع تكرار تلك الجريمة. وبالطبع، فإن أفضل وأكثر الطرق فعالية لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم هو القضاء على أسلحة الدمار الشامل ومنع انتشارها، وخاصة الأسلحة الكيميائية.
ان مرور الزمن لا يقلل من فداحة هذه الجريمة، لأن الجرائم الشنيعة، كجريمة الحرب المتمثلة في استخدام الأسلحة الكيميائية، لا تخضع لقانون التقادم في القانون الجنائي الدولي.
كان استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب الإيراني انتهاكًا واضحًا للقواعد الآمرة للقانون الدولي والمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي. تُشكل هذه الهجمات أمثلةً واضحةً على "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" بموجب القانون العرفي والمعاهدات المُلزمة، بما في ذلك بروتوكول جنيف لعام ١٩٢٥، واتفاقية الأسلحة الكيميائية، والمبادئ المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩.
تُظهر وثائق الأمم المتحدة العديدة، وتقارير الخبراء، وقضايا المحاكم في أوروبا، بما في ذلك ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة، أن الجزء الأكبر من العناصر والمعدات والتقنيات التي استخدمها النظام العراقي السابق قد زوّدته بها عددٌ من الحكومات وشركاتها التجارية.
هذه الحقيقة ليست ادعاءً سياسياً، بل هي جزء من وثائق رسمية، ووفقاً لقواعد معروفة، مثل المادة 16 من خطة مسؤولية الدولة ومبادئ "المسؤولية عن التواطؤ في ارتكاب الأفعال غير المشروعة دولياً"، فإنها تستلزم مسؤولية دولية للدول المعنية في كشف الحقيقة، بما في ذلك من خلال إجراء تحقيقات قضائية لتحديد هوية الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المتورطين في تطوير وتوفير برنامج الأسلحة الكيميائية للنظام العراقي السابق، وتحقيق العدالة من خلال محاكمتهم ومعاقبتهم، فضلاً عن تعويض الضحايا عن الأضرار المادية والمعنوية.
إن السعي إلى حقوق قدامى محاربي الأسلحة الكيميائية في إيران ليس مجرد التزام قانوني وأخلاقي، بل هو أيضاً جزء من التزامنا بوضع معايير عالمية لحظر هذه الأسلحة ومنع إفلات الجناة من العقاب. إن "كشف الحقيقة" و"إقامة العدل" مطلبان طبيعيان لقدامى محاربي الأسلحة الكيميائية والأمة الإيرانية بأسرها، وسنستغل كل فرصة ومحفل لإثارة هذا المطلب بحق.
لطالما كانت إيران، بصفتها أكبر ضحية لأسلحة الدمار الشامل في العصر الحديث، رائدةً في الحفاظ على سلامة العالم من هذه الأسلحة، انطلاقًا من هذه التجربة التاريخية. وتستند فكرة تحرير منطقة غرب آسيا من أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية، إلى هذه الرؤية المسؤولة.
وللأسف، نواجه عالمًا لا يعيقه سوى نظامٍ جزءٍ من هويته، ينتهك القانون، ويحتل، ويُحرض على الحرب، ويرتكب الإبادة الجماعية، وينتهك جميع المبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني، مستفيدًا من الحصانة التي تمنحها الولايات المتحدة وبعض الداعمين الغربيين الآخرين.
وهذا الوضع يُثقل كاهل الحكومات في منع تكرار المآسي الإنسانية والانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الإنساني الدولي. يمكن أن يكون هذا المؤتمر منصةً فعّالة لتعزيز التعاون المتخصص بين الحكومات والمؤسسات العلمية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني في مجال التوثيق العلمي والقانوني لآثار الأسلحة الكيميائية، وتطوير آليات أكثر فعالية لمعالجة الشكاوى، ومتابعة مسؤولية الحكومات والأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المتورطين في ارتكاب هذه الجريمة، وتوسيع نطاق قدرات العلاج والتأهيل لقدامى المحاربين في مجال الأسلحة الكيميائية في إطار التعاون الدولي.
وكما أثبتت جمهورية إيران الإسلامية على مدى العقود الأربعة الماضية، فإنها ستواصل هذا المسار بثبات. ومن وجهة نظرنا، فإن تحقيق العدالة لمرتكبي الأسلحة الكيميائية والمشاركين فيها ليس حقًا للضحايا فحسب، بل هو أيضًا شرط لضمان مستقبل أكثر أمانًا وخالٍ من أسلحة الدمار الشامل.
ومن المنظور القانوني، لن تخضع هذه القضية لمرور الزمن، ويُعد السعي لتحقيقها جزءًا لا يتجزأ من المسؤولية العالمية عن العدالة والأخلاق والسلام والأمن الدولي.
ويؤمل أن تؤدي نتائج هذا المؤتمر إلى تعزيز التقارب الدولي وتحسين المعايير القانونية والإنسانية في هذا المجال.
أسأل الله تعالى الصحة والتوفيق لجميع قدامى الكيميائيين، ولفخر إيران.