إيران تلكس - أُطلقت ثلاثة أقمار صناعية إيرانية إلى الفضاء في وقت واحد مساء اليوم بواسطة صاروخ سويوز الروسي.
أقمار صناعية إيرانية _ صاروخ سويوز
يُعد هذا الإطلاق، الذي جرى في مدار قريب من الأرض على ارتفاع حوالي 500 كيلومتر، أحد أهم الأحداث الفضائية في إيران هذا العام، وسيُمكّن من التشغيل المتزامن لعدة أقمار صناعية محلية الصنع في مختلف مجالات الخدمات والبنية التحتية والإدارة:
بايا: قمر صناعي للاستشعار عن بُعد بدقة تصوير عالية
صُمم القمر الصناعي "بايا"، المعروف أيضًا باسم "طلوع 3"، وبُني بمشاركة الصناعات الإلكترونية الإيرانية. وهو من فئة أقمار الاستشعار عن بُعد، ويُعتبر، بوزنه الذي يبلغ حوالي 150 كيلوغرامًا، أحد أكثر أقمار التصوير تطورًا المصنعة محليًا.
يستطيع هذا القمر الصناعي التصوير بدقة تصل إلى 5 أمتار في الوضع أحادي الطيف و10 أمتار في الوضع الملون، وهو مصمم لتطبيقات متنوعة تشمل إدارة الموارد المائية والزراعة والرصد البيئي ورسم الخرائط ورصد المخاطر الطبيعية.
ظفر 2: جيل جديد من الأقمار الصناعية الأكاديمية بمهام محسّنة
يُعدّ قمر ظفر 2 نسخة مطورة من قمر ظفر، وقد صُمم وبُني بالتعاون مع جامعة إيران للعلوم والتكنولوجيا، ويتراوح وزنه بين 100 و135 كيلوغرامًا. يستخدم هذا القمر أنظمة فرعية وحمولات مُطوّرة، ويضطلع بمهام في مجال الاستشعار عن بُعد وجمع البيانات التطبيقية لرصد الموارد الطبيعية وإدارة الأراضي.
كوثر المُطوّر: التركيز على البيانات الزراعية وإنترنت الأشياء
تم تطوير النسخة الثانية من قمر كوثر، استكمالًا للأجيال السابقة من هذه العائلة من الأقمار الصناعية، بهدف جمع البيانات التشغيلية ورصد الأراضي الزراعية ودعم التطبيقات المتعلقة بإنترنت الأشياء. يلعب هذا القمر دورًا مكملاً في منظومة الأقمار الصناعية الوطنية القائمة على البيانات.
بدأ قبل دقائق قليلة البث المباشر لحفل الإطلاق المتزامن لثلاثة أقمار صناعية إيرانية إلى الفضاء، بحضور حسن سالاريه، رئيس منظمة الفضاء، وستار هاشمي، وزير الاتصالات، وعدد من نواب الوزارة، والدكتور غياثوند، رئيس المجموعة الفضائية الإيرانية، وحجة الإسلام رستمي، رئيس مؤسسة تمثيل القيادة(ممثل قائد الثورة) في الجامعات، ومحمود رضا آقاميري، رئيس جامعة شهيد بهشتي، وذلك في مركز تنمية القدرات الفكرية للأطفال والمراهقين.
في هذا الحفل، كشف الدكتور سلماتي، المدير العام لمركز تنمية القدرات الفكرية للأطفال والمراهقين، برفقة رئيس المنظمة الوطنية للفضاء، عن ملصقٍ للفعالية التعليمية حول تصميم وبناء أقمار صناعية مكعبة الشكل من قِبل المراهقين.
وفي الحفل نفسه، قال حسن سالاريه، رئيس المنظمة الإيرانية للفضاء، مشيرًا إلى توسع برامج الفضاء في البلاد: "إن إبرام العقود مع مختلف الشركات والمجموعات، ونجاح الأقمار الصناعية المصممة والمبنية، يُشير إلى تطور صناعة الفضاء الإيرانية وتوسعها ونموها المتزايد".
وأضاف: "إن دخول جهات فاعلة جديدة، ولا سيما من القطاع الخاص والشركات القائمة على المعرفة، يُبشر بمستقبلٍ واعدٍ لصناعة الفضاء في البلاد. فإلى جانب تطوير التكنولوجيا، يُمهد هذا التوجه الطريق لاقتصادية صناعة الفضاء، وهو أمرٌ تُوليه الحكومة اهتمامًا بالغًا".
أكد رئيس منظمة الفضاء الإيرانية، أن المنتجات والتقارير المستندة إلى صور الأقمار الصناعية تُسهم في خلق قيمة مضافة كبيرة، قائلاً: "يمكن تحديد القيمة الاقتصادية لصناعة الفضاء في البلاد من عدة جوانب، ما يُعزز استدامة هذا المجال ونموه".
وفي معرض حديثه عن مكانة إيران في صناعة الفضاء العالمية، صرّح سالاريه: "تُعدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية من بين أفضل 10 إلى 11 دولة في العالم تمتلك القدرة على تصميم وبناء الأقمار الصناعية، وحواملها، وبنى الإطلاق التحتية، واستقبال البيانات، ومعالجة الصور، وهي ناشطة باستمرار في هذا المجال منذ سنوات".
وأضاف: "ما هو ضروري بالنسبة لنا هو زيادة عدد الأقمار الصناعية، وتحسين دقتها وجودتها، وتطوير فئات مختلفة منها، بما في ذلك أقمار الاتصالات، والقياس، والرادار، والتصوير. إن صناعة الفضاء في العالم شديدة التنافسية، والدول التي دخلت هذا المجال تُعزز استغلالها للفضاء".
أكد رئيس منظمة الفضاء الإيرانية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على زخم التنمية، قائلاً: "دخلت دول جديدة المنافسة الفضائية، وبدأت دول عديدة لم يكن لها دور في هذا القطاع سابقاً بالاستثمار فيه. وعلينا أيضاً مواصلة مسيرة التنمية بالاعتماد على التقنيات المحلية والموارد البشرية المحلية، وبوتيرة متسارعة."
وفيما يتعلق بترتيب إيران الدقيق بين الدول الفضائية، قال سالاريه: "ليس من السهل تحديد موقعها بدقة بين هذه الدول العشر أو الإحدى عشرة، ولكن تجدر الإشارة إلى أنه من بين حوالي 200 دولة في العالم، أقل من 5% منها تمتلك قدرات فضائية كاملة، وإيران إحدى هذه الدول."
وأخيراً، في معرض حديثه عن الخصائص التقنية للأقمار الصناعية التي تم إطلاقها، قال: "تُعد الأقمار الصناعية التي تم إطلاقها مؤخراً وفي الماضي من بين الأقمار الصناعية المتقدمة من حيث الدقة والجودة، وقد حققت دقة تصل إلى حوالي 15 متراً في مجال التصوير، مما يدل على تحسن ملحوظ في القدرات التقنية للبلاد."
مؤكدًا على أهمية "الترويج" جنبًا إلى جنب مع التطور العلمي، قال: "من القضايا المهمة التي ربما لم تحظَ بالاهتمام الكافي، الترويج لصناعة الفضاء بين أفراد المجتمع؛ وهي قضية لا تقل أهمية عن التطور العلمي، وبدونها لن تُحقق الإنجازات التكنولوجية أثرها النهائي".
وأضاف أن رؤية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمجال الفضاء هي رؤية تحويلية مؤكدا: "إذا لم نتمكن من التواصل مع مختلف شرائح المجتمع بلغة بسيطة، فلن تُحقق جميع الجهود المبذولة لتنمية صناعة الفضاء النتائج المرجوة. هدفنا هو أن تجد التطورات والإنجازات الفضائية مكانًا لها بين الناس، وأن يتولد طلب شعبي على هذه الصناعة".
وفي استعراض لتاريخ صناعة الفضاء العالمية، صرّح رئيس منظمة الفضاء الإيرانية قائلًا: "منذ ستينيات القرن الماضي، وخلال الحرب الباردة، بدأت المنافسة بين الشرق والغرب في صناعة الفضاء. وفي عام 1957، مع إطلاق أول قمر صناعي سوفيتي إلى مداره، بدأت المنافسة الفضائية".
لطالما كانت هذه الصناعة مكلفة وذات نفوذ واستراتيجية منذ نشأتها، ولا يمكن تطويرها دون دعم المجتمع والنخب والهيئات الإدارية.
وأضاف سالاريه: إن النظر إلى الأفلام والمسلسلات والمعارض الفضائية لتلك الحقبة يُظهر أن الدول أولت منذ البداية أهمية بالغة لجذب انتباه الجمهور وتحفيز المجتمع. لا يمكن لصناعة الفضاء أن تسير على درب النمو المستدام دون إشراك الشعب وإثارة الحماس لدى النخب.
وفي معرض حديثه عن صعوبات العمل في هذا المجال، قال: إن صناعة الفضاء صناعة شاقة ومليئة بالتحديات. إن الأقمار الصناعية التي نراها اليوم هي ثمرة جهود يومية وصبر ومثابرة وتفانٍ من المتخصصين في هذا المجال. وفي الوضع الراهن، يتطلب تحقيق النجاح دافعية عالية ومثابرة وقدرة علمية وتحملاً للصعاب.
أكد رئيس منظمة الفضاء الإيرانية على أهمية الإعلام والترويج، مضيفًا: "تولي وزارة الاتصالات اهتمامًا بالغًا لهذا الموضوع، ونسعى جاهدين لعرض عمليات إطلاق الأقمار الصناعية والأحداث المهمة في هذا القطاع بشفافية تامة للجمهور. ففي صناعة الفضاء، لا وجود للفشل بالمعنى المتعارف عليه؛ فكل مهمة تُعدّ اختبارًا وتجربةً لتحقيق نجاحات أكبر."
وفي معرض حديثه عن التعقيدات التقنية لبناء الأقمار الصناعية، أوضح: "تبدأ عملية بناء القمر الصناعي بالتصميم، وتشمل آلاف الأجزاء التي يجب أن تعمل بتناغم تام في ظل أصعب الظروف، بدءًا من الاهتزازات الشديدة أثناء الإطلاق، وصولًا إلى الإشعاع عالي الطاقة واختلافات درجات الحرارة في المدار. تختلف الظروف في الفضاء اختلافًا جذريًا عن تلك الموجودة على الأرض؛ ففي الفضاء، لا يوجد انتقال للحرارة عبر الهواء، كما يوجد إشعاع قد يُلحق الضرر بمكونات القمر الصناعي."
وتابع سالاريه: "لهذا السبب، تُجرى أنواع مختلفة من عمليات المحاكاة والاختبارات والتجارب المعقدة في المختبرات وفقًا للمعايير الدولية، وذلك لمحاكاة ظروف الفضاء الحقيقية." مع ذلك، يُعدّ وضع القمر الصناعي بنجاح في مداره الجزء الأخير والحاسم من هذه العملية، وبدونه ستكون جميع عمليات المحاكاة ناقصة.
وصرح رئيس منظمة الفضاء الإيرانية قائلاً: "إن صناعة الفضاء صناعة تتطلب الصبر والمثابرة والنظرة طويلة الأمد، ويُعدّ الترويج لها بشكل سليم في المجتمع أحد أهم متطلبات النجاح والتقدم المستدام في هذا المجال".
وفي إشارة إلى الطبيعة التجريبية للأنشطة الفضائية، قال رئيس منظمة الفضاء الإيرانية: "إن مسألة "الفشل" في صناعة الفضاء أمر طبيعي تماماً. فكل عملية فضائية هي في الواقع اختبار، واختبار علمي للمهندسين والعلماء، وحتى في حال حدوث مشكلة، فإن البيانات المُستقاة قيّمة وقابلة للاستخدام".
وأضاف سالاريه: "في كل مرة يدور فيها قمر صناعي حول الأرض، تُجمع كمية كبيرة من البيانات التقنية، التي تُحلل بدقة وتُستخدم في تصميم وبناء الأقمار الصناعية المستقبلية. إن دورة التعلم المستمرة هذه هي التي تُفضي إلى نضج صناعة الفضاء وتقدمها."
وأعرب عن تقديره لجهود الخبراء المحليين، قائلاً: "لقد وصلنا اليوم إلى مرحلة، بالاعتماد على المعرفة المحلية، إلى القدرة على تصميم وبناء الأقمار الصناعية وحواملها، فضلاً عن وضع الأقمار الصناعية في مداراتها. هذه الإنجازات هي ثمرة جهود دؤوبة على مدار الساعة من قبل الخبراء العاملين في قواعد الإطلاق والمراكز التقنية في البلاد."
وأكد رئيس منظمة الفضاء الإيرانية: "لقد تحققت هذه النجاحات بدعم من الجهات الحكومية، ولا سيما وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التي تدعم بكل قوتها تطوير صناعة الفضاء في البلاد."
وفي الختام، أعرب عن أمله في مستقبل هذه الصناعة، قائلاً: "نأمل أن نشهد، بمواصلة هذا النهج، مزيداً من النجاحات والإنجازات في مجال الفضاء الإيراني".
وفي كلمة ألقاها محرم غياثوند، رئيس المجموعة الفضائية الإيرانية، خلال الإطلاق المتزامن لثلاثة أقمار صناعية إيرانية إلى الفضاء بعد ظهر اليوم، أشار إلى دور وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومنظمة الفضاء الإيرانية في تطوير صناعة الفضاء في البلاد، قائلاً: "لقد تم تمهيد هذا الطريق بفضل مثابرة متخصصي منظمة الفضاء الإيرانية والدعم الإداري المتواصل، ونشهد اليوم دخول البلاد بجدية أكبر إلى المراحل التشغيلية لصناعة الفضاء".
في معرض حديثه عن الخلفية العلمية لإيران في مجال علم الفلك والفضاء، قال: "على الرغم من أن نشأة تكنولوجيا الأقمار الصناعية بمفهومها الحالي تعود إلى العقود الأخيرة، إلا أن العلماء الإيرانيين والمسلمين قدّموا إسهامًا كبيرًا في تأسيس علوم الفلك منذ قرون.
فقد تعرّضت النظريات الجيومركزية التي سادت في القرن الرابع الهجري لانتقادات شديدة من علماء مثل أبي الريحان البيروني، ومهّد هذا المنظور العلمي الطريق لتطورات لاحقة أدت في نهاية المطاف إلى ظهور نظريات علماء مثل غاليليو."
وأوضح غياثوند أن إيران لم تتبوأ بعد مكانتها اللائقة في صناعة الفضاء العالمية، مضيفًا: "تعود البداية الجادة لصناعة الفضاء في البلاد إلى أنشطة البحث والصناعة التي أُقيمت بالتعاون مع وزارة الدفاع، ثم وزارة الاتصالات، وكان تركيزها منصبًا على تطوير أقمار صناعية بحثية وتشغيلية.
وقد أثمرت هذه الجهود عن بناء وإطلاق أول قمر صناعي محلي الصنع، أُطلق عليه اسم "أوميد"، عام 2008، والذي يُعدّ نقطة تحوّل في تاريخ إيران الفضائي."
وشرح مراحل تشغيل القمر الصناعي، موضحًا: "الإطلاق الناجح ليس سوى الخطوة الأولى. بعد ذلك، يتم إجراء تقييم دقيق لأداء القمر الصناعي، والتأكد من سلامة تشغيل المعدات في بيئة الفضاء، وتحميل البرمجيات واختبارها، وأخيرًا يتم إطلاق القمر الصناعي بالكامل.
تستغرق هذه العملية عادةً ما بين شهر وشهرين، ويجب أن تعمل آلاف الأنظمة بكفاءة تامة؛ لأن أي عطل في نظام واحد قد يؤدي إلى فشل المهمة."
وأكد رئيس المجموعة الفضائية الإيرانية على تعقيد وحساسية هذه المراحل، قائلًا: "تعمل الفرق الفنية على مدار الساعة خلال هذه الفترة، ومن الطبيعي أن تتحمل ضغط عمل كبير. لهذا السبب، نطلب من وسائل الإعلام توفير الوقت والهدوء اللازمين لفرق الإنشاء بعد الإطلاق، حتى يتسنى تنفيذ عمليات ما بعد الإطلاق الحساسة بعناية فائقة."
معظم المعدات والأنظمة المستخدمة في هذه الأقمار الصناعية محلية الصنع
وفي إشارة إلى أنشطة منظمة الفضاء الإيرانية الأخيرة، أضاف: "في السنوات الأخيرة، وبالاعتماد على قدرات الشركات المحلية القائمة على المعرفة، تم اتخاذ خطوات مهمة في مجال أقمار القياس والتصوير. وقد تم توطين معظم المعدات والأنظمة المستخدمة في هذه الأقمار الصناعية ووضعها في مدارها لأول مرة."
وتابع غياثوند: "لا يمكن تحقيق تطوير تكنولوجيا الفضاء بقمر صناعي واحد فقط، بل يجب أن تستمر المهمات، وفي نهاية المطاف يجب أن نتجه نحو بناء نظام أقمار صناعية متكامل." يُمكّن هذا النهج من توفير خدمات مستدامة وعملية، وهو أحد متطلبات الدخول في مرحلة التطوير الصناعي في مجال الفضاء.
وفي الختام، أعرب عن تقديره لجهود خبراء صناعة الفضاء في البلاد، وأكد: "إن الأنشطة التي تم تنفيذها هي ثمرة جهود دؤوبة من العلماء والمهندسين والشركات القائمة على المعرفة. وعلى الرغم من التحديات التقنية والشكوك، سيستمر هذا المسار بدافع قوي وإيمان بالقدرات المحلية."