السبت 5 تموز 2025 - 15:35
رقم : 4143
إیران تلکس - في المنعطفات التاريخية وذروة الصراعات الجيوسياسية، يثار دائمًا النقاش حول أسلوب وطبيعة حضور القادة السياسيين. وفي جمهورية إيران الإسلامية أيضًا، تُطرح أحيانًا تساؤلات في الفضاء العام أو الإعلامي، بدوافع مختلفة، حول "الغيبة الظاهرية" للامام القائد السید علي الخامنئي (دام ظله) في بعض الساحات العامة.
القائد في الكَمين، لا في الملجأ: حضور استراتيجي في زمن الحرب الهجينة
لكن هذه نظرة سطحية عاجزة عن إدراك الحقيقة الأعمق لدور القيادة في المرحلة الراهنة. الحقيقة هي أن حضوره اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أكثر وضوحًا، وأعمق، وأكثر استراتيجية؛ حضور ليس نابعًا من الهروب من الخطر، بل من موقع القيادة والتوجيه الاستراتيجي.

ما وراء الظاهر: حضور استراتيجي في معركة شاملة
إن تصور أن وجود القائد يعني فقط الظهور الجسدي أمام الكاميرات وفي الأماكن العامة، يشير إلى عدم فهم صحيح لواقع الحرب الهجينة والشاملة الحالية. في العصر الراهن، لم تعد المعارك تقتصر على الجبهات المادية والأسلحة التقليدية. نحن نواجه حربًا متعددة الأوجه تشمل أبعادًا اقتصادية، وثقافية، وإعلامية، وأمنية، وسيبرانية.

في مثل هذه الظروف، دور القائد يتجاوز كونه مجرد حضور استعراضي ليصبح قيادة استراتيجية.

إن قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذه الظروف، لا يجلس في ملجأ
لحماية حياته، بل في موقع القائد الأعلى للقوات المسلحة في غرفة العمليات.

مهمته في هذا "الكمين" ليست الهروب من الخطر، بل التحديد الدقيق لإحداثيات المقاومة. إنه يراقب ساحة المعركة بدقة، ويحلل المعلومات، ويتخذ القرارات الاستراتيجية، ويوجه القوات في مختلف المستويات.

هذا النوع من الحضور، وإن كان قد يكون أقل وضوحًا للعيون غير المعتادة، إلا أنه بالنسبة لأهل البصيرة ومن هم على دراية بعمق التحولات، حضور حقيقي وحيوي.

الفرق الجوهري: من الملجأ النووي إلى زناد المقاومة
يتمثل الفرق الجوهري بين قائد الثورة الإسلامية والشخصيات السياسية الغربية - من رؤساء أمريكا مثل بايدن وترامب إلى رؤساء وزراء الكيان الصهيوني مثل نتنياهو - في هذه النقطة بالذات. هؤلاء القادة الغربيون، عند مواجهة أدنى إشارة خطر، يلجأون إلى الملاجئ النووية وأكثر الأماكن أمانًا؛ هدفهم الرئيسي هو الحفاظ على حياتهم والهروب من تبعات قراراتهم.

أما في المقابل، فإن قائد الجمهورية الإسلامية، بدلًا من الملجأ، يذهب إلى الكمين؛ حيث يضع يده على الزناد، لا على زر الفرار. هذا
الفارق يدل على تباين عميق في فلسفة القيادة وهدفها. تقوم القيادة في إيران على أساس الولاية والمسؤولية الإلهية، لا على المصالح الشخصية أو الخوف من الموت. هذه هي الشجاعة والصلابة المتجذرة في مدرسة الإمام الخميني (قدس سره) وثقافة عاشوراء.

الشهادة أحلى من العسل، لكن الآن هو وقت المسؤولية
لو كان مروّجو الشائعات والبسطاء على دراية ولو بسيطة بسيرة رجل تربى في مدرسة الإمام الخميني (قدس سره) وهو نفسه حامل لواء ثقافة عاشوراء، لأدركوا أن الموت في سبيل الله لمثل هذا الإنسان ليس مخيفًا فحسب، بل هو أحلى من العسل.

إن قائد الثورة، الذي كرس عمره لإحياء الأمة الإسلامية والمقاومة ضد الاستكبار، لا يتجنب الشهادة، بل يعتبرها ذروة أمانيه؛ أمنية تجلت مرارًا في أقواله وأفعاله.

لكن هذا الوقت ليس وقت الشهادة؛ إنه وقت المسؤولية. إنه وقت اليقظة والحضور في جبهة يجب المضي فيها بالعقلانية، والصمود، والبصيرة. وكما خرج النبي محمد (ص) من بيته ليلة الهجرة وترك الإمام علي (ع) في فراشه لمواصلة الطريق وحفظ الرسالة، كذلك استبدل قائد الثورة اليوم
العقلانية الإلهية بالمشاعر الفردية. هذا القرار ليس من أجل نفسه، بل من أجل الأمة الإسلامية ومستقبلها. هذه هي سنة الأنبياء والأولياء؛ تفضيل المصالح العليا للأمة على أي شيء آخر.

بصيرة المؤمنين وعمى الغافلين: القائد في خط الجهاد الأول
أولئك الذين لا تستطيع أعينهم رؤية عظمة هذه الهداية الإلهية، إما يسعون للتخريب والتشويه وإما غارقون في غفلتهم. إنهم لا يستطيعون فهم أن هذه "الغيبة الظاهرية" هي بحد ذاتها نوع من الحضور الفعال والمؤثر.

في المقابل، يعلم المؤمنون الحقيقيون أن هذا الشيخ الحكيم، ليس في الظل، بل يقف في خط المواجهة الأول للحرب الناعمة، والاقتصادية، والثقافية، والأمنية؛ بنفس الثبات والحزم الذي شوهد في خطب عاشوراء وفي كل حياته المباركة.

إنه ليس في ملجأ بعيد عن المتناول، بل في قلب التاريخ، في الصف الأول للجهاد، وفي كمين العدو. حضوره هو حضور استراتيجي وحيوي يدير الميدان، ويحبط المخططات، ويمهد طريق المقاومة.

بكلمة واحدة، القائد لا يهتم بحياته، بل يهتم بالأمة؛ وهذا هو معنى الولاية الحقيقية.
 
https://www.irantelex.ir/ar/article/4143/
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني

أحدث العناوين
الأكثر قراءة