السبت 1 تشرين الثاني 2025 - 15:41
رقم : 5752
إيران تلكس - انعقدت الندوة الثالثة للدراسات الإيرانية في النمسا، بعنوان "أمسية مع البروفيسور الدكتور روديجر لوكر، عالم إسلاميات وإيرانيات نمساوي بارز"، في فيينا برعاية مكتب الإرشاد الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في النمسا، وبحضور نخبة من أساتذة الجامعات والباحثين والباحثين في الشؤون الإيرانية والمهتمين بالثقافة والحضارة الإيرانية.
ضرورة إنشاء كرسي مستقل للدراسات الإيرانية في جامعة فيينا

وصف البروفيسور هانز د. غالتر، الأستاذ المشارك في الدراسات الشرقية بجامعة غراتس، بصفته المتحدث الأول في الندوة، البروفيسور روديجر لوكر بأنه "مهندس الدراسات الإسلامية النمساوية المستقلة". قال إن مجال الدراسات الإسلامية، الذي انبثق من ظلال اللغويات التقليدية بعد كارثة 11 سبتمبر 2001، لا مثيل له في العالم الناطق بالألمانية اليوم بفضل استكشافه المتعمق للتطورات في العالم الإسلامي.

وأضاف البروفيسور جالتر: لقد أسس روديجر لوكر تخصصًا محايدًا لدراسة الإسلام في مواجهة عاصفة علماء اللغة التقليديين - الذين اعتبروا اللغويات الأساس الوحيد لدراسات غرب آسيا. وفي مدونته الشهيرة "صنادل التقاليد"، حارب بلا هوادة الصور النمطية الإعلامية مثل "الإسلام السياسي" و"الإسلام المتطرف"، وأكد على أهمية الدراسة العلمية والمحايدة للإسلام.

وأضاف: بالإضافة إلى الدراسات الإسلامية، اتجه روديجر لوكر إلى تاريخ الحدائق الإيرانية، ولديه دراسات في هذا المجال تُعتبر نافذة جديدة لفهم الحضارة الإيرانية الإسلامية.

وأخيرًا، حذّر غالتر، مقتبسًا هاينز نوسباومر (الذي توفي مؤخرًا): "لقد بنت النمسا يومًا ما جسورًا خالدة بين أوروبا والشرق؛ واليوم، يُواجه هذا الإرث خطر النسيان". ومع ذلك، فإن البروفيسور لولكَر، حتى بعد تقاعده، يُدافع عن الحفاظ على هذه الجسور.

روديجر لولكَر، حامل لواء الدراسات الإسلامية متعددة الأبعاد والدقيقة وغير النمطية في النمسا

أشادت البروفيسورة كاتارينا إيوفاني، أستاذة الفلسفة الإسلامية واللغات الشرقية في جامعة فيينا، برودِيجر لولكَر، واصفةً إياه بأنه "باحثٌ نادر" أسّس بمفرده، على مدار 23 عامًا، الدراسات الإسلامية في النمسا، وحوّلها، رغم التحديات الهائلة، إلى تخصصٍ واسعٍ وديناميكي.

أبرزت إيفاني أن لوكر ساهم في استقلال الدراسات الإسلامية في جامعة فيينا، ورعى جيل الشباب بنشاط، وتعاون في مركز الأبحاث "الدين والتغيير في المجتمع المعاصر"، وترك أثرًا مستدامًا يتجاوز فيينا بنصائحه القيّمة.

وأضافت أن نطاق أبحاث لوكر مذهل: من القانون التجاري المالكي في صدر الإسلام والربا قبل الحداثة، إلى السلفية، والتقاليد الصوفية، وعلم اللاهوت البيئي، والإسلام في إندونيسيا وجنوب شرق آسيا، والعالم.

وفي هذا الصدد، أضافت إيفاني: "يرى لوكر، مُدركًا لتعقيد الإسلام وتنوعه، أن المعرفة "مُجزأة ولكنها متماسكة"، ويعتبر التناقضات عوامل ربط لا عقبات".

وأضافت البروفيسورة إيفاني بروح الدعابة: "يبدو أن الحديث النبوي عن حكمة الفرس ينطبق على روديجر لوكر أيضًا! لأنه كان يبحث عن المعرفة حقًا طوال حياته الأكاديمية، ودرس مسار إيران لهذا الغرض".

الحوار، لا الحكم؛ العلم جسرٌ بين الثقافات

كان المتحدث الثالث في ندوة الدراسات الإيرانية في فيينا الدكتور أزولا فريد زاده، الأستاذ بجامعة فيينا. واعتبر فريد زاده أن لوكر ليس باحثًا عظيمًا فحسب، بل مفكرًا أيضًا، استطاع بروحه النقدية المنفتحة والشجاعة في مواجهة التعقيدات، بناء جسور حوار دائمة بين الشرق والغرب، وبين مختلف فروع الدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية.

وأكد فريد زاده أن العلم، من وجهة نظر لوكر، ليس "مالكًا للحقيقة"، بل هو "بحثٌ مشتركٌ عن الفهم". ويرى فريد زاده أن البحث في مجال الإسلام وإيران لا ينبغي أن يُجرى من منظورٍ حكمي، بل في إطار حوارٍ مع النص والفكر والإنسان الإيراني الإسلامي.

وأشار إلى أن لوكر، برؤيته الحيوية والديناميكية للإسلام، لم ينظر إلى هذه الظاهرة كشيءٍ ثابتٍ ومنغلق، بل كواقعٍ متغيرٍ وحواري.

أضافت غزالة فريد زاده أن أعمال لوكر، وخاصةً في مجال رقمنة الثقافة الإسلامية، والتواصل الديني، والحركات الاجتماعية، قد فتحت الحدود التقليدية للاستشراق، ودفعته إلى آفاق جديدة من التفكير العابر للثقافات.

كما انتقدت عدم وجود كرسي مستقل للدراسات الإيرانية الإسلامية في جامعة فيينا، معتبرةً هذا الفراغ ليس تنظيميًا فحسب، بل هو أيضًا نقص فكري يُبقي صورة الشرق ناقصة.

إمكانية تقديم ثماني قراءات للإسلام

أما المتحدث الآخر، الدكتور رضا غلامي، أستاذ الفلسفة السياسية والدراسات الثقافية والحضارية، فقد كرّس محاضرته بعنوان "ثماني قراءات للإسلام" لشرح منهجي لتنوع مناهج فهم الدين.

وأشار إلى أن "قراءة الإسلام تعني النظر إلى الدين من منظور معرفي محدد"، مؤكدًا أنه لا يوجد تفسير واحد يُمكن أن يُمثل جميع جوانب الإسلام، وأن على الباحث النزيه أن يُحدد موقفه المعرفي بوضوح للحفاظ على المصداقية العلمية للدراسات الإسلامية.

ثم قدّم ثمانية أنواع من قراءات الإسلام: اللاهوتية (التي تتمحور حول الإيمان والدفاع العقلي عن المعتقدات)، والفقهية (التي تُركّز على الأحكام والواجبات الدينية)، والأخلاقية (مع التركيز على التربية الأخلاقية والروحانية)، والفلسفية (التي تقوم على العقلانية وتنقية الدين من الخرافات)، والتصوفية (التي تسعى إلى تجربة دينية باطنية وحدسية)، والتاريخية (التي تُحلل تطورات الإسلام في سياقه الزمني)، والنفسية (التي تُركّز على دور الإيمان المُهدئ والمُؤثّر)، وأخيرًا العلمية (التي تُحاول تفسير الدين بناءً على المنهج العلمي).

وتناول الدكتور غلامي نقاط قوة وضعف كل منهج، مؤكدًا أن "المسألة الأساسية ليست في مدى صحة قراءة ما، بل في فاعليتها لأغراض البحث".

وفي الختام، أشاد بالمكانة العلمية للأستاذ روديغر لوفلر، واعتبره مثالًا بارزًا للباحثين الذين، بأمانتهم العلمية وعمقهم النظري وانفتاحهم الفكري، جعلوا مسار الدراسات الإسلامية أكثر ديناميكية ومصداقية.
https://www.irantelex.ir/ar/news/5752/
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني

أحدث العناوين
الأكثر قراءة